عبد اللطيف شرفه الله بالجنة
عدد الرسائل : 328 العمر : 29 البلد : مشغول بذكر الله تاريخ التسجيل : 23/07/2008
| موضوع: كتاب الوضوء : باب من تبرز على لبنتين السبت سبتمبر 06, 2008 11:39 pm | |
| كتاب الوضوء : باب من تبرز على لبنتين " حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول : إن ناساً يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس . فقال عبد الله بن عمر : لقد ارتقيت يوماً على ظهر بيت لنا ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلاً بيت المقدس لحاجته . وقال : لعلك من الذين يصلون على أوراكهم ، فقلت : لا أدري والله " . قال مالك يعني الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض ، يسجد وهو لاصق بالأرض . قوله : ( باب من تبرز ) بوزن تفعل من البراز بفتح الموحدة وهو الفضاء الواسع ، كنوا به عن الخارج من الدبر كما تقدم في الغائط . قوله : ( على لبنتين ) بفتح اللام وكسر الموحدة وفتح النون تثنية لبنة وهي ما يصنع من الطين أو غيره للبناء قبل أن يحرق . قوله : " يحيى بن سعيد " هو الأنصاري المدني التابعي ، وكذا شيخه وشيخ شيخه في الأوصاف الثلاثة ، ولكن قيل إن لواسع رؤية فذكر لذلك في الصحابة ، و أبو حبان هو ابن منقذ بن عمر له ولأبيه صحبة ، وقد تقدم في المقدمة أنه بفتح المهملة وبالموحدة . قوله : " أنه كان يقول " أي ابن عمر كما صرح به مسلم في روايته ، وسيأتي لفظه قريباً ، فأما من زعم أن الضمير يعود على واسع فهو وهم منه وليس قوله " فقال ابن عمر " جواباً لواسع ، بل الفاء في قوله " فقال " سببية ، لأن ابن عمر أورد القول الأول منكراً له ، ثم بين سبب إنكاره بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان يمكنه أن يقول : فلقد رأيت إلخ ولكن الراوي عنه - وهو واسع - أراد التأكيد بإعادة قوله : " قال عبد الله بن عمر " . قوله : " أن ناساً " يشير بذلك إلى من كان يقول بعموم النهي كما سبق ، وهو مروي عن أبي أيوب وأبي هريرة ومعقل الأسدي وغيرهم . قوله : " إذا قعدت " ذكر القعود لكونه الغالب وإلا فحال القيام كذلك . قوله : " على حاجتك " كنى بهذا عن التبرز ونحوه . قوله : " لقد " اللام جواب قسم محذوف . قوله : " على ظهر بيت لنا " وفي رواية يزيد الآتية " على ظهر بيتنا " وفي رواية عبيد الله بن عمر الآتية " على ظهر بيت حفصة " أي أخته كما صرح به في رواية مسلم ، ول ابن خزيمة " دخلت على حفصة بنت عمر فصعدت ظهر البيت " . وطريق الجمع أن يقال : إضافته البيت إليه على سبيل المجاز لكونها أخته فله منه سبب ، وحيث أضافه إلى حفصة كان باعتبار أنه البيت الذي أسكنها النبي صلى الله عليه وسلم فيه واستمر في يدها إلى أن ماتت فورث عنها ، وسيأتي انتزاع المصنف ذلك من هذا الحديث في كتاب الخمس إن شاء الله تعالى ، وحيث أضافه إلى نفسه كان باعتبار ما آل إليه الحال لأنه ورث حفصة دون إخوته لكونها كانت شقيقته ولم تترك من يحجبه عن الاستيعاب . قوله : " على لبنتين " ول ابن خزيمة " فأشرفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على خلائه " وفي رواية له : " فرأيته يقضي حاجته محجوباً عليه بلبن " ول الحكيم الترمذي بسند صحيح " فرأيته في كنيف " وهو بفتح الكاف وكسر النون بعدها ياء تحتانية ثم فاء . وانتفى بهذا إيراد من قال ممن يرى الجواز مطلقاً : يحتمل أن يكون رآه في الفضاء . وكونه رآه على لبنتين لا يدل على البناء لاحتمال أن يكون جلس عليهما ليرتفع بهما عن الأرض ، ويرد هذا الاحتمال أيضاً أن ابن عمر كان يرى المنع من الاستقبال في الفضاء إلا بسائر كما رواه أبو داود و الحاكم بسند لا بأس به ، ولم يقصد ابن عمر الإشراف على النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة وإنما صعد السطح لضرورة له كما في الرواية الآتية فحانت منه التفاته كما في رواية ل البيهقي من طريق نافع عن ابن عمر . نعم لما اتفقت له رؤيته في تلك الحالة من غير قصد أحب أن لا يخلي ذلك من فائدة فحفظ هذا الحكم الشرعي . وكأنه إنما رآه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذور ، ودل ذلك على شدة حرص الصحابي على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ليتبعها ، وكذا كان رضي الله عنه . قوله : " وقال " أي ابن عمر " لعلك " ، الخطاب لواسع ، وغلط من زعم أنه مرفوع . وقد فسر مالك المراد بقوله : " يصلون على أوراكهم " أي من يلصق بطنه بوركيه إذا سجد ، وهو خلاف هيئة السجود المشروعة وهي التجافي كما سيأتي بيانه في موضعه ، وفي النهاية : وفسر بأنه يفرج ركبتيه فيصير معتمداً على وركيه . وقد استشكلت مناسبة ذكر ابن عمر لهذا مع المسألة السابقة فقيل : يحتمل أن يكون أراد بذلك أن الذي خاطبه لا يعرف السنة ، إذ لو كان عارفاً بها لعرف الفرق بين الفضاء وغيره ، أو الفرق بين استقبال الكعبة وبيت المقدس ، وإنما كنى عمن لا يعرف السنة بالذي يصلي على وركيه لأن من يفعل ذلك لا يكون إلا جاهلاً بالسنة ، وهذا الجواب ل الكرماني ، ولا يخفى ما فيه من التكلف ، وليس في السياق أن واسعاً سأل ابن عمر عن المسألة الأولى حتى ينسبه إلى عدم معرفتها . ثم الحصر الأخير مردود ، لأنه قد يسجد على وركيه من يكون عارفاً بسنن الخلاء ، والذي يظهر في المناسبة ما دل عليه سياق مسلم ، ففي أوله عنده عن واسع قال : ( كنت أصلي في المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس ، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من شقي ، فقال عبد الله : يقول الناس ) فذكر الحديث ، فكأن ابن عمر رأى منه في حال سجوده شيئاً لم يتحققه فسأله عنه بالعبارة المذكورة ، وكأنه بدأ بالقصة الأولى لأنها من روايته المرفوعة المحققة عنده فقدمها على ذلك الأمر المظنون ، ولا يبعد أن يكون قريب العهد بقول من نقل عنهم ما نقل فأحب أن يعرف الحكم لهذا التابعي لينقله عنه ، على أنه لا يمتنع إبداء مناسبة بين هاتين المسألتين بخصوصهما وأن لإحداهما بالأخرى تعلقاً بأن يقال : لعل الذي كان يسجد وهو لاصق بطنه بوركيه كان يظن امتناع استقبال القبلة بفرجه في كل حالة كما قدمنا في الكلام على مثار النهي . وأحوال الصلاة أربعة : قيام وركوع وسجود وقعود ، وانضمام الفرج فيها بين الوركين ممكن إلا إذا جافى في السجود فرأى أن في الإلصاق ضماً للفرج ففعله ابتداعاً وتنطعاً ، والسنة بخلاف ذلك ، والتستر بالثياب كاف في ذلك ، كما أن الجدار كاف في كونه حائلاً بين العورة والقبلة إن قلنا إن مثار النهي الاستقبال بالعورة ، فلما حدث ابن عمر التابعي بالحكم الأول أشار له إلى الحكم الثاني منبهاً له على ما ظنه منه في تلك الصلاة التي رآه صلاها . وأما قول واسع ( لا أدري ) فدال على أنه لا شعور عنده بشيء مما ظنه به ، ولهذا يغلظ ابن عمر له في الزجر . والله أعلم .
| |
|