عدد الرسائل : 328 العمر : 29 البلد : مشغول بذكر الله تاريخ التسجيل : 23/07/2008
موضوع: كتاب الوضوء : باب التخفيف في الوضوء السبت سبتمبر 06, 2008 11:32 pm
كتاب الوضوء : باب التخفيف في الوضوء " حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا سفيان عن عمرو قال : أخبرني كريب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ ، ثم صلى - وربما قال اضطجع حتى نفخ ثم قام فصلى . ثم حدثنا به سفيان مرة بعد مرة عن عمرو عن كريب عن ابن عباس قال : بت عند خالتي ميمونة ليلة ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل ، فلما كان في بعض الليل قام النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ من شن معلق وضوءاً خفيفاً - يخففه عمرو ويقلله - وقام يصلي ، فتوضأت نحواً مما توضأ ، ثم جئت فقمت عن يساره - وربما قال سفيان : عن شماله - فحولني فجعلني عن يمينه . ثم صلى ما شاء الله ثم اضطجع فنام حتى نفخ ، ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة ، فقام معه إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ قلنا لعمرو : إن ناساً يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه ، قال عمرو : سمعت عبيد بن عمير يقول : رؤيا الأنبياء وحي . ثم قرأ " إني أرى في المنام أني أذبحك " " [ الصافات : 102 ] . قوله : ( باب التخفيف في الوضوء ) أي جواز التخفيف . قوله : " سفيان " هو ابن عيينة ، و عمرو هو ابن دينار المكي لا البصري ، و كريب بالتصغير من الأسماء المفردة في الصحيحين . والإسناد مكيون ، سوى علي وقد أقام بها مدة . وفيه رواية تابعي عن تابعي : عمرو عن كريب . قوله : " وربما قال اضطجع " أي كان سفيان يقول تارة نام وتارة اضطجع ، وليسا مترادفين بل بينهما عموم وخصوص من وجه ، لكنه لم يرد إقامة أحدهما مقام الآخر ، بل كان إذا روى الحديث مطولاً قال اضطجع فنام كما سيأتي ، وإذا اختصره قال نام أي مضطجعاً أو اضطجع أي نائماً . قوله : " ثم حدثنا " يعني أن سفيان كان يحدثهم به مختصراً ثم صار يحدثهم به مطولاً . قوله : " ليلة فقام " كذا للأكثر ، ول ابن السكن " فنام " بالنون بدل القاف وصوبها القاضي عياض لأجل قوله بعد ذلك " فلما كان في بعض الليل قام " انتهى . ولا ينبغي الجزم بخطئها لأن توجيهها ظاهر وهو أن الفاء في قوله " فلما " تفصيلية ، فالجملة الثانية وإن كان مضمونها مضمون الأولى لكن المغايرة بينهما بالإجمال والتفصيل . قوله : " فلما كان " أي رسول الله صلى الله عليه وسلم " في بعض الليل " ول الكشميهني " من " بدل في ، فيحتمل أن تكون بمعناها ويحتمل أن تكون زائدة وكان تامة ، أي فلما حصل بعض الليل . قوله : " شن " بفتح المعجمة وتشديد النون أي القربة العتيقة . قوله: " معلق " ذكر على إرادة الجلد أو الوعاء ، وقد أخرجه بعد أبواب بلفظ معلقة . قوله : " يخففه عمرو ويقلله " أي يصفه بالتخفيف والتقليل ، وقال ابن المنير : يخففه أي لا يكثر الدلك ، ويقلله أي لا يزيد على مرة مرة . قال : وفيه دليل على إيجاب الدلك ، لأنه لو كان يمكن اختصاره لاختصره ، لكنه لم يختصره . انتهى . وهي دعوى مردودة ، فإنه ليس في الخبر ما يقتضي الدلك ، بل الاقتصار على سيلان الماء على العضو أخف من قليل الدلك . قوله : " نحواً مما توضأ " قال الكرماني : لم يقل مثلاً لأن حقيقة مماثلته صلى الله عليه وسلم لا يقدر عليها غيره انتهى . وقد ثبت في هذا الحديث كما سيأتي بعد أبواب " فقمت فصنعت مثل ما صنع " ولا يلزم من إطلاق المثلية المساواة من كل جهة . قوله : " فآذنه " بالمد أي أعلمه ، ول المستملي " فناداه " . قوله : " فصلى ولم يتوضأ " فيه دليل على أن النوم ليس حدثاً بل مظنة الحدث لأنه صلى الله عليه وسلم كان تنام عينه ولا ينام قلبه فلو أحدث لعلم بذلك ، ولهذا كان ربما توضأ إذا قام من النوم وربما لم يتوضأ ، قال الخطابي : وإنما منع قلبه النوم ليعي الوحي الذي يأتيه في منامه . قوله : " قلنا " القائل سفيان ، والحديث المذكور صحيح كما سيأتي من وجه آخر ، و عبيد بن عمير من كبار التابعين ، ولأبيه عمير بن قتادة صحبة . وقوله : " رؤيا الأنبياء وحي " رواه مسلم مرفوعاً ، وسيأتي في التوحيد من رواية شريك عن أنس . ووجه الاستدلال بما تلاه من جهة أن الرؤيا لو لم تكن وحياً لما جاز لإبراهيم عليه السلام الإقدام على ذبح ولده . وأغرب الداودي الشارح فقال : قول عبيد بن عمير لا تعلق له بهذا الباب . وهذا إلزام منه ل البخاري بأن لا يذكر من الحديث إلا ما يتعلق بالترجمة فقط ، ولم يشترط ذلك أحد . وإن أراد أنه لا يتعلق بحديث الباب أصلاً فممنوع والله أعلم . وسيأتي بقية مباحث هذا الحديث في كتاب الوتر من كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى . كتاب الوضوء : باب إسباغ الوضوء وقال ابن عمر : إسباغ الوضوء الإنقاء . " حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول : دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ، ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء . فقلت : الصلاة يا رسول الله . فقال : الصلاة أمامك فركب . فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت العشاء فصلى ، ولم يصل " . قوله : ( باب إسباغ الوضوء ) الإسباغ في اللغة الإتمام ، ومنه درع سابغ . قوله : ( وقال ابن عمر ) هذا التعليق وصله عبد الرزاق في مصنفه بإسناد صحيح ، وهو من تفسير الشيء بلازمه ، إذ الإتمام يستلزم الإنقاء عادة ، وقد روى ابن المنذر بإسناد صحيح أن ابن عمر كان يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات ، وكأنه بالغ فيهما دون غيرهما لأنهما محل الأوساخ غالباً لاعتيادهم المشي حفاة والله أعلم . قوله : " حدثنا عبد الله بن مسلمة " هو القعنبي ، والحديث في الموطأ ، والإسناد كله مدنيون ، وفيه رواية تابعي عن تابعي : موسى عن كريب ، وأسامة بن زيد أي ابن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، له لأبيه وجده صحبة . وستأتي مناقبه في مكانها إن شاء الله تعالى . قوله : " دفع من عرفة " أي أفاض . قوله : " بالشعب " بكسر الشين المعجمة هو الطريق في الجبل ، واللام فيه للعهد . قوله : " ولم يسبغ الوضوء " أي خففه ، ويأتي فيه ما تقدم في توجيه الحديث الماضي . قوله : " فقلت الصلاة " هو بالنصب على الإغراء ، أو على الحذف ، والتقدير أتريد الصلاة ؟ ويؤيده قوله في رواية تأتي " فقلت أتصلي يا رسول الله " ويجوز الرفع ، والتقدير حانت الصلاة . قوله : " قال الصلاة " هو بالرفع على الابتداء ، وأمامك بفتح الهمزة خبره . وفيه دليل على مشروعية الوضوء للدوام على الطهارة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل بذلك الوضوء شيئاً ، وأما من زعم أن المراد بالوضوء هنا الاستنجاء فباطل ، لقوله في الرواية الأخرى " فجعلت أصب عليه وهو يتوضأ " ولقوله هنا " ولم يسبغ الوضوء " . قوله : " نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء " فيه دليل على مشروعية إعادة الوضوء من غير أن يفصل بينهما بصلاة ، قاله الخطابي ، وفيه نظر لاحتمال أن يكون أحدث . ( فائدة ) : الماء الذي توضأ به صلى الله عليه وسلم ليلتئذ كان من ماء زمزم ، أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادات مسند أبيه بإسناد حسن من حديث علي بن أبي طالب ، فيستفاد منه الرد على من منع استعمال ماء زمزم لغير الشرب . وسيأتي بقية مباحث هذا الحديث في كتاب الحج إن شاء الله تعالى .